هل نحتاج لقاسم امين جديد؟

تلخيص كتاب تحرير المرأة
لقاسم امين
خريف 2006

يعد كتاب تحرير المرأة لكاتبه قاسم امين من اشهر واكثر الكتب اثارة للجدل في وقت اصداره في القرن التاسع عشر والى حد وقتنا هذا. صدر ونشر كتاب تحرير المرأة عام 1899 حيث تناول قضية تحرير المراة من الظلم الواقع عليها في وقت كانت المرأة في حال التخلف والرجعية فكان هذا الكتاب بمثابة الثورة التي اثارت العقول وجعلتها تفكر بمكانة المرأة المتردية وكيفية ايجاد الحلول لهذا الوضع في ذلك الوقت .
قسم كتاب تحرير المراة الى عدة محاور وكل محور يناقش قضية تخص تحرير المرأة ووضعها التي كانت عليه انذاك. المحاور التي تناوله الكتاب هي تربية المراة وحجابها و الامة والعائلة والزواج وتعدد الزوجات والطلاق .
تناول القسم الاول من الكتاب تحليل لواقع المراة التي كانت تعيش عليه انذاك حيث بين كيف انها كانت تتجرع المر ابتداءا بابيها ثم اخيها الاكبر ثم زوجها وابنها الاكبر حيث كانت لعبة بين يدي الرجال وليس لديها اي الحق للاعتراض على هذا كله. لقد كانت المراة لاتعرف كيف تدير اعمالها وامورها وذلك بسبب التربية التي تربت عليها وهو الاعتماد على الرجل وليس لديها الحق بالاعتماد علة نفسها لانه لايجوز ولذلك كان الرجل هو المسيطر حتى بالاشياء التي قد تستطيع المراة تحمل مسؤوليته كادارة اموالها .ايضا تناول الكتاب كيف ان الله خلق الذكر والانثى كلا مكمل للاخر ومن هنا اتت تسمية النصف الاخر وان الله خلق حواء من ضلع ادم اي ان كلا منهم يعتمد على الاخر وليس هناك اي فرق بينهم.
عن محورتربية المرأة تحدث قاسم امين عن كيفية تربية المرأة وما مدى تأثيره عليها بعد ذلك في تربية اولادها في المستقبل وكيف ان على الاهل تربية بناتهم التربية الصحيحة المبنية على حرية التعبير وابداء الرأي وتلقي العلم والتعليم مثل مايتلقى الاولاد تعليمهم وحصولهم على كامل حقوقه . ربط قاسم امين في كتابه بين تربية المراة والتعليم وكيف انها تربت على ان لديها عدة واجبات عليها القيام بها مثل تهيئة الجو العام والجميل والمقنع لزوجها ومراقبة الخدم في العمل وادارة مصروفات البيت واهم كل هذه الاعمال هي تربية الاطفال وكل هذا يحتاج الى عقل راجح متعلم وهذا مالايتوافر عند المرأة الجاهلة وهذا كله ياتي بسبب جهل الاهل باهمية التعليم للمرأة الذي يفيدها عند الكبر . يؤثر ايضا التعليم عند المرأة حيث ان الطفل يتصف بصفات ابويه فاذا كانت الام جاهلة فهذا يؤثر على الطقل وعندئذ يتصف الطفل بصفات امه الجاهلة وانها تتركه ليفعل كل شيء هو يريده حيث يتعلم كل الاشياء الغير صحيحة لانه لم يعلم ماهو صح وخطأ. ذكر الكتاب سبب عدم رغبة الرجال بتثقيف وتعليم المراة الى انه يزيد من قابليتها على الاحتيال والنصب والفساد ولكن العكس هو الصحيح في ان التعليم يعلي من شأن المرأة ويجعلها قادرة على ادارة اعمالها. طالب ايضا قاسم امين الاهتمام بتعليم النفوس وليس فقط التعليم والعلم حيث اننا يجب علينا تربية نفوسنا وعقولنا حتى نستطيع التفتح للعالم والتعامل مع الامور بجدية ورجاحة عقل وهذا ينطبق على النساء والرجال.
اما بالنسبة لمحور حجاب المرأة فان الكتاب بين مدى مساعدة هذا الحجاب الحالي على تخلف ورجعية المرأة وكيف انه عائق امامها لتأدية مهامها في المجتمع. يبين قاسم امين ايضا انه ليس ضد الحجاب الشرعي الذي يطالب بستر المرأة واحتشامها ولكنه ضد المغالاة فيه حيث انه لايوجد نص بوجوب الحجاب االسائد الان ولكنه مجرد مغالاة في الدين.ويرى قاسم امين ان الحجاب قد يعيق ويبعد اامرأة عن الدنيا ويجعلها غير قادرة على التواصل مع العالم الخارجي وهذا بسبب تصور الرجال انه بمجرد عزل امرأته عن الرجال الاخرين انه يحميها من نفسها وشهواتها ولا يقتنع ان المراة تستطيع حماية نفسها وشهواتها اذا كانت متواصلة ومختلطة مع الرجال وليست معزولة لاتراهم ابدا.ان الحجاب يأتي من سوء التربية وهذا يدل على وجود علاقة وثيقة بين تربية المرأة والحجاب .قد يؤدي الحجاب الى انتشار الفساد بدل من الاقلال منه وذلك بسبب الكبت الذي قد يتكون عند المرأة المحجوبة عن الناس وبذلك نكون قد زدنا الامر سوءا وافضل مثال على ذلك هو النساء الاوروبيات والاخص الامريكيات الاتي معروف عنهن الحرية حيث صدر استفتاء قيل انهن اكثر النساء عفة وذلك لانهن متعلمات ومختلطات بالرجال منذ الصغر فيعرفن الصح من الخطأ.
ودعى قاسم امين في ختام كلامه عن باب حجاب المراة الى عدم التخلي عن الحجاب نهائيا في زمننا هذا ولكن التمسك بان تكون المرأة محررة واهل للثقة والاختلاط مع الرجال بالحدود المشروعة وتحت مراقبة الاهل.المحور الاخرالذي تناوله الكتاب هو محور المرأة والامة والذي يدور حول تأثر الامة بتعليم وثقافة المرأة وكيف ان المجتمع هو نفسه رجعي وقام البعض بارجاع هذا الشيء الى ان الاسلام هو دين التخلف على عكس الاصل الذي هو ان الاسلام دين التقدم والتفتح ولكن السبب الرئيسي هو الدين الخطأ الذي يسير عليه البعض والعادات التي اضيفت لللاسلام. بين ايضا ان الامة هي جسد واحد فاذا احد اعضاء الجسد متخلف فاذن الامة كلها متخلفة ورجعية وهذا هو حال المراة حيث انها غير متعلمة ومتخلفة فاذن مجتمعنا هو متخلف وهذا كله اثر على المجتمع وتقدمه.

اما عن محور العائلة ومايتضمنه من امور الزواج والطلاق وتعدد الزوجات فجاء فيه:
اولا: ان الزواج هو رباط مقدس يربط بين اثنين متحابين وليس فقط عقد بين رجل وامرأة والقصد منه اشباع الرغبة واللذة وكما ان للرجل الحق في اختيار شريكة الحياة فعلى المرأة ان تختار شريك حياتها .كل هذه افتراضيات كان يفترضها قاسم امين في كتابه لان الحقيقة كانت عكس هذا كله فالمراة ليس من حقها حتى ابداء رأيها بالرجل الذي سترتبط به وعليها الطاعة فقط ولهذا فهو يدعو للتفتح واعطاء المرأة الحق لابداء الرأي واختيار الشيء المناسب لها.يبين ايضا ان اذا ليس هناك اي ارتباط عاطفي بين الزوجين فان حياتهما ستكون غير مترابطة ويلجأ كلا منهم الى اماكن اخرى للتزود بالعطف والحنان والمودة فعلى كل اثنين متزوجين ان يزرعوا المحبة والحب بينهم حتى يتعايشوا بحب وامان .
ثانيا: عن موضوع تعدد الزوجات فذكر في الكتاب انه ذكر في القران الكريم احلال للرجل الزواج باربع نساء ولكن لسبب ليس لمتعة او اشباع رغبة فالزواج هو وثيقة حب ومحبة بين اثنين متحابين وان المرأة ليست بسلعة يشتريها الرجل ليستمتع بها ويتركها بعد ان ينفذ منها. وبين ان اذا كان هناك اي مبرر لزواج الرجل من امرأة اخرى بسبب عقر امرأته او مرض فعلى الرجل احترام ذلك كما تحترم هذا الشيء اذا كان السبب من الرجل وعلى الاثنين تحمل الاخر والبحث على راحة الاخر. ان الزواج بامرأة واحدة تحافظ على اطفالها وبيتها هو افضل من رجل يتزوج اكثر من امرأة وبيته يسوده الفوضى والغيرة.
ثالثا: بخصوص موضوع الطلاق فبين الكتاب كيف ان جميع الشرائع السماوية احلت الطلاق على الرغم من تحفظ البعض من الطلاق _المسيحيون والغرب_ الان ان الجميع اعترف باهمية الطلاق اذا كانت العشرة بين الزوجين غير مناسبة او مريحة. ايضا بين ان للطلاق اسباب معينة وليست خاضعة فقط لمزاجيات الرجل.اشار الكتاب ايضا الى عدة بنود او قوانين على اي رجل يريد تطليق زوجته اللجوء اليها وهي ان يشترط ان يكون الطلاق على يد القاضي المأذون وعليه نصحهم باذن ابغض الحلال عنذ الله الطلاق ويجب وجود شهود على ذلك. يمكننا ان نستشف من ذلك على ان الطلاق مباح وضروري بظروف معينة.
اختتم قاسم امين كلامه عن هذا الموضوع بخاتمة يطالب فيها الناس بالتثقف والتطور مع المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا المناسبة للقرن الذي نعيش فيه.دعى ايضا لتكوين جمعيه تهتم بحقوق المرأة المغتصبة في مصر وعلى الناس الدخول بها لاتاحة الفرصة للنصف الاخر في المجتمع باسترداد حقوقهم المسلوبة.

رأي ونقد لكتاب تحرير المرأة لقاسم امين
بعد قرائتي لكتاب تحرير المرأة الذي كتب منذ سنين عدة وجدت فيه مايلم بأمور المرأة وحقوقها التي قد تكون مسلوبة لحد وقتنا هذا.فقد وجدت كلاما منطقيا وتحليلا دقيقا لحال المرأة في ذلك الوقت ولم يكتف الكتاب ببيان حال المرأة فقط بل البحث عن حلول وطرق لحل هذه المشكلة.ايضا لفت انتباهي استشهاد الكاتب بالقران الكريم والسنة والشريعة وانه ملم بالموضوع من جوانب مختلفة و على الرغم من الهجوم الشرس الذي واجهه قاسم امين وكتابه الا انه ظل صامدا وذلك لقوة حججه وادلته وهذا يدل على ثقافة وفكر الكاتب الواسعة واكبر دليل على شهرة هذا الكتاب انه يتم الاستشهاد به لحد هذا الوقت كاول كتاب يتناول هذا الموضوع بدقة. اما بخصوص الافكار المثارة بالكتاب فاراها منطقية وصحيحة وعلينا التلفت لها.وماوجدته من فوائد في هذا الكتاب انه اتاح الفرصة للناس للتنبه لاشياء كانوا غافلين عنها الا وهي حقوق المرأة المسلوبة واني اظن انه كتاب ممتاز لما يتناول من موضوع شائك قد يهم الكثير من الناس. اعتقد اننا في زمننا هذا نحتاج لاكثر من قاسم امين لتناول هذا الموضوع لاننا في زمن النظر الى الماضي وليس التطلع للمستقبل فعلينا اعطاء الفرصة لعقولنا ان تتنور وتتفتح على العالم وليس فقط التقوقع حول افكار بالية...